حصاد الأيام الثلاثة الأولى للحرب الإسرائيلية الإيرانية (13–15 يونيو 2025)

دولية

 

تشهد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أخطر موجات التصعيد العسكري منذ عقود، بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو 2025. ثلاثة أيام فقط كانت كافية لتكشف عن حجم الدمار، وتعقيد المشهد الإقليمي، وتشير إلى أن ما يحدث قد لا يكون مجرد مواجهة محدودة، بل بداية لتحوّل استراتيجي واسع في ميزان القوى الإقليمية.

 

اليوم الأول – 13 يونيو: الهجوم الإسرائيلي والرد الإيراني الأول

بدأت الحرب بهجوم مباغت شنّته إسرائيل فجر يوم الخميس 13 يونيو، حيث نفذت غارات جوية مركزة استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل العمق الإيراني، شملت منشآت استراتيجية في طهران وأصفهان ونطنز. وأسفرت الضربات عن مقتل ستة من كبار قادة الحرس الثوري، من بينهم اللواء أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجو-فضائية، بالإضافة إلى عدد من العلماء النوويين.

لم يتأخر الرد الإيراني كثيرًا، إذ أطلقت طهران مساء اليوم نفسه أكثر من 100 طائرة مسيّرة من طراز "شاهد"، استهدفت مواقع مختلفة داخل إسرائيل. ورغم أن غالبية المسيّرات تم اعتراضها فوق الأراضي الأردنية والسعودية، إلا أن بعضها وصل إلى أهدافه داخل إسرائيل، متسببًا بخسائر بشرية ومادية.

ووفق وزارة الصحة الإسرائيلية، أسفرت الهجمات عن مقتل 13 شخصًا، وإصابة أكثر من 435 آخرين بجروح، بعضهم في حالة حرجة.

 

اليوم الثاني – 14 يونيو: تصعيد متبادل وتكثيف الغارات

دخل النزاع مرحلة جديدة من التصعيد في اليوم الثاني، حيث وسّعت إسرائيل من نطاق ضرباتها الجوية، مستهدفة أكثر من 80 موقعًا داخل إيران، بما في ذلك منشآت نووية ومنشآت نفطية ومراكز قيادة عسكرية وأمنية. ووفق مصادر إيرانية رسمية، أدت هذه الضربات إلى مقتل 60 شخصًا، من بينهم مدنيون، وتدمير عدد من البنى التحتية الحيوية.

وفي رد مباشر، أطلقت إيران عشرات الصواريخ الباليستية متوسطة وبعيدة المدى باتجاه مدن إسرائيلية، كان أبرزها تل أبيب وبئر السبع وعسقلان. الضربات أوقعت 10 قتلى وعشرات الجرحى، وأحدثت أضرارًا كبيرة في البنية التحتية المدنية.

التصريحات السياسية بين الجانبين كانت نذيرًا بمزيد من التدهور، حيث هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"رد مدمر وثمن باهظ" إذا استمرت الهجمات، فيما توعدت طهران بالمزيد من "الضربات الموجعة".

 

اليوم الثالث – 15 يونيو: استمرار القتال وتعقيدات دولية

في اليوم الثالث، بلغ القتال ذروته. شنت إسرائيل واحدة من أكبر عملياتها الجوية في تاريخ النزاع، مستهدفة أكثر من 250 موقعًا إيرانيًا خلال 24 ساعة فقط. التركيز كان على منشآت عسكرية وصاروخية ومخازن أسلحة ومراكز اتصالات، وأسفرت الغارات عن مقتل 78 شخصًا على الأقل، وإصابة أكثر من 329 آخرين.

وفي المقابل، أطلقت إيران ما يزيد عن 270 صاروخًا نحو العمق الإسرائيلي، بينها صواريخ متقدمة يصعب اعتراضها. استهدفت الضربات مجددًا تل أبيب وأشدود ونتانيا، وأسفرت عن مقتل 13 إسرائيليًا وإصابة العشرات.

الدول الكبرى دخلت على خط الأزمة. فقد أعلنت الولايات المتحدة تعليق المحادثات النووية مع إيران "حتى إشعار آخر"، بينما حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن "أي استهداف للمصالح الأمريكية سيقابل برد ساحق".

 

النتائج الميدانية حتى الآن

  • حصيلة القتلى والجرحى:
    • في إيران: 104 قتلى وأكثر من 329 جريحًا.
    • في إسرائيل: 36 قتيلًا، وأكثر من 435 مصابًا.
  • الخسائر المادية:
    • دمار واسع في منشآت نووية ونفطية إيرانية، وتضرر مراكز قيادة ومخازن أسلحة.
    • في إسرائيل، تضرر مطار بن غوريون الذي توقفت فيه الحركة الجوية، وانهيار جزئي في بعض البنى التحتية في تل أبيب والجنوب.

 

السيناريوهات المستقبلية

المؤشرات حتى اللحظة لا توحي بانفراج قريب. كل من تل أبيب وطهران يبدوان مستعدَّين لتوسيع دائرة المواجهة، بينما المجتمع الدولي عاجز عن فرض تهدئة حقيقية. التوقعات تشير إلى احتمال تصعيد أكبر خلال الأيام المقبلة، خاصة إذا ما استُهدفت منشآت أمريكية أو تحركت أطراف إقليمية أخرى كحزب الله أو الحوثيين.

 

ثلاثة أيام كانت كافية لتكشف هشاشة "الردع المتبادل" بين إيران وإسرائيل، وتضع المنطقة أمام منعطف خطير. وبينما يسقط الضحايا في كلا الجانبين، يبقى السؤال مفتوحًا: هل هي معركة محدودة الأمد، أم بداية لحرب إقليمية شاملة قد تغير ملامح الشرق الأوسط؟