دبلوماسية يمنية نشطة تقودها وزارة الخارجية برئاسة الدكتور شائع الزنداني

تقارير

 

 

في مشهد يعكس استعادة اليمن لمكانتها الإقليمية والدولية بعد سنوات من التراجع بفعل الحرب والتحديات، واصلت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين خلال شهر أكتوبر 2025 نشاطًا دبلوماسيا مكثفا، ترجمه الوزير الدكتور شائع محسن الزنداني بخطوات عملية ورؤية واضحة تهدف إلى ترسيخ حضور اليمن الخارجي وتعزيز دور بعثاتها الدبلوماسية في الخارج.

جاء ذلك ضمن تقرير الوزارة الشهري الموسوم بـ الدبلوماسية اليمنية في أكتوبر 2025، الذي وثّق سلسلة من اللقاءات والمشاركات والبيانات والمواقف، في تحرك هو الأوسع من نوعه منذ تشكيل الحكومة الحالية.

 

قيادة فاعلة ورؤية استراتيجية

منذ تسلمه حقيبة الخارجية، يعمل الدكتور الزنداني على إعادة بناء الدبلوماسية اليمنية على أسس جديدة تتسم بالفاعلية والمبادرة. وقد برز ذلك جليًا خلال أكتوبر، حيث شهد الشهر تحركات مكثفة على المستويين الداخلي والخارجي، تضمنت لقاءات رفيعة المستوى، واستلام أوراق اعتماد سفراء، وتنسيقًا دبلوماسيًا موسعًا مع عدد من الدول والمنظمات الدولية.

أكد الوزير الزنداني في أكثر من مناسبة أن الهدف من هذا الحراك ليس فقط تعزيز العلاقات الثنائية، بل إعادة تعريف الدور اليمني في الإقليم والعالم، مشددًا على أهمية الدبلوماسية كأداة لتحقيق الأمن والاستقرار ودعم الاقتصاد الوطني في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

 

لقاءات ومباحثات مع شركاء اليمن

شهدت العاصمة المؤقتة عدن وعدد من العواصم العربية والأوروبية نشاطًا لافتًا لوزير الخارجية، حيث بحث مع القائم بأعمال السفارة الأمريكية جوناثان بيتشيا سبل تعزيز التعاون المشترك ودعم الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الإرهاب، مؤكدًا أهمية استمرار الشراكة الأمريكية في دعم الحكومة اليمنية.

كما التقى الزنداني بعدد من السفراء والمسؤولين الدوليين، منهم عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج البحسني، حيث تم التطرق إلى التطورات السياسية وجهود إحلال السلام. وعلى المستوى العربي، شارك الوزير في منتدى أسوان للسلام والتنمية في مصر، مؤكدًا التزام اليمن بالعمل مع شركائه في القارة الإفريقية لتعزيز الأمن البحري ومكافحة التهريب والتطرف.

وفي الأمم المتحدة، شارك الوزير في عدد من اللقاءات على هامش أعمال الجمعية العامة، حيث أكد على ضرورة دعم الاقتصاد اليمني وتخفيف معاناة المواطنين، مشيرًا إلى أن العمل الدبلوماسي اليوم أصبح جبهة موازية لجبهة الحرب ضد الإرهاب والفقر والانقسام.

 

تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية

من النقاط البارزة في تقرير الوزارة، تركيزها على الدبلوماسية الاقتصادية والتنموية، إذ عقد الوزير الزنداني سلسلة لقاءات مع ممثلي الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد، بهدف بحث سبل استقطاب الدعم التنموي والاستثمارات في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والخدمات العامة.

كما أشار التقرير إلى أن الوزارة تعمل على تعيين ملحقين اقتصاديين وتجاريين في بعض السفارات، بما يعزز من قدرة اليمن على التفاعل مع الأسواق الإقليمية والدولية، ويعيد الثقة ببيئة الاستثمار في البلاد.

 

تعاون عربي ودولي متنوع

لم تقتصر الجهود على المحور الغربي، بل امتدت إلى الدول العربية والإفريقية والآسيوية. فقد عقد نائب وزير الخارجية السفير مصطفى نعمان لقاءات مهمة مع وزراء خارجية السودان، وجيبوتي، وفلسطين، وبحث معهم آفاق التعاون الثنائي والتنسيق في المحافل الدولية. كما بحث مع عدد من السفراء العرب والأفارقة تطوير العمل الدبلوماسي المشترك وتعزيز برامج التدريب والتأهيل الدبلوماسي، في خطوة تهدف إلى بناء كوادر يمنية قادرة على مواكبة التحولات الإقليمية.

وفي الجانب الإفريقي، تقدمت العلاقات اليمنية مع إثيوبيا وتنزانيا وموريتانيا بخطى واثقة، من خلال تبادل الزيارات وتوقيع مذكرات تفاهم، ضمن سياسة خارجية متوازنة تسعى إلى توسيع دائرة الشركاء والصداقات الدولية.

 

مواقف وطنية ثابتة

أصدرت وزارة الخارجية خلال أكتوبر مجموعة من البيانات الرسمية التي عبرت عن مواقف اليمن الثابتة إزاء القضايا الوطنية والإقليمية. فقد جددت الوزارة إدانتها لانتهاكات ميليشيا الحوثي الإرهابية واستمرارها في استهداف المدنيين والمنشآت الاقتصادية، ودعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف حازمة لردع تلك الانتهاكات ودعم مسار السلام العادل والشامل وفق المرجعيات الثلاث.

وفي سياق متصل، أكدت الوزارة موقف اليمن الثابت والداعم للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، رافضة أي ممارسات تهدف إلى تهويد القدس أو المساس بالمقدسات الإسلامية.

 

إحياء العمل الدبلوماسي الميداني

من الإنجازات المهمة التي أشار إليها التقرير، تفعيل دور البعثات الدبلوماسية اليمنية في الخارج. فقد شهد الشهر اجتماعات متعددة لسفراء اليمن في العواصم العربية والأوروبية، الذين عملوا على إعادة ترتيب أوضاع الجاليات اليمنية، وتقديم خدمات قنصلية أكثر كفاءة، فضلًا عن المشاركة في فعاليات سياسية وإنسانية وثقافية أبرزت الوجه الإيجابي لليمنيين في المهجر.

وشملت الأنشطة البارزة لقاءات السفير اليمني في بروكسل مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي، والسفير في الجزائر مع وزير الخارجية الجزائري، والسفير في موسكو مع المسؤولين الروس لمناقشة سبل تطوير العلاقات الثنائية.

 

الدبلوماسية اليمنية في المحافل الدولية

على المستوى الدولي، شاركت وزارة الخارجية في عدد من المنتديات المهمة منها:

  • منتدى حوار الضمانة 2025 في برلين، الذي تناول مستقبل الأمن الإقليمي والتعاون الدولي.
  • اجتماعات منظمة الصحة العالمية في جنيف بشأن الأمن الصحي ومكافحة الأوبئة.
  • الاجتماع الوزاري الأوروبي بشأن دعم وحدة اليمن واستدامة الهدنة الإنسانية.
  • منتدى أسوان للسلام والتنمية الذي ركز على الأمن البحري والتعاون في البحر الأحمر.

وقد مثّل اليمن في هذه الفعاليات وفود رفيعة المستوى، أكدت حرص الحكومة على تعزيز شراكتها مع المجتمع الدولي في ملفات التنمية والسلام.

 

إنجازات ملموسة ورؤية مستقبلية

يبرز تقرير “الدبلوماسية اليمنية في أكتوبر” صورة مشرقة عن الأداء المؤسسي لوزارة الخارجية، التي باتت أكثر تنظيمًا وفاعلية في ظل قيادة الدكتور الزنداني. فإلى جانب الأنشطة السياسية، تم تحديث أنظمة المتابعة والتوثيق الإلكتروني لأنشطة البعثات، وإطلاق بوابة إلكترونية جديدة للتواصل الدبلوماسي والإعلامي، كما يجري العمل على خطة لإعادة تأهيل الكوادر الدبلوماسية الشابة بالشراكة مع معهد الخدمة الخارجية المصري وعدة دول صديقة.

ويرى مراقبون أن ما تحقق خلال الأشهر الماضية يعكس تحولًا حقيقيًا في مفهوم الدبلوماسية اليمنية، من مجرد ردّ فعل إلى سياسة فاعلة واستباقية تستند إلى المهنية والحضور الدولي.

 

الخلاصة يمكن القول إن شهر أكتوبر 2025 شكّل علامة فارقة في مسار السياسة الخارجية اليمنية، إذ نجحت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بقيادة الوزير الدكتور شائع الزنداني في تحقيق توازن بين العمل السياسي، والدبلوماسية التنموية، والدفاع عن القضايا الوطنية.

لقد أعادت الوزارة رسم صورة اليمن على الخارطة الدولية كدولة تسعى للسلام، وتؤمن بالشراكة، وتدافع عن سيادتها وكرامة شعبها بلغة دبلوماسية راقية ومؤثرة. وبذلك، يترسخ القول بأن الدبلوماسية اليمنية لم تعد تبحث عن موقع في المشهد الدولي، بل أصبحت جزءًا فاعلًا فيه.