في حديث صريح ونادر، كشف نائب وزير الخارجية اليمني، مصطفى أحمد محمد نعمان، عن رؤى وتحديات الحكومة اليمنية تجاه الحرب الدائرة في البلاد، خلال مشاركته في ندوة نظمها “معهد الشرق الأوسط” في واشنطن العاصمة.
وخلال اللقاء الذي حضره عدد من المهتمين بالشأن اليمني وصناع السياسات الأميركيين، طرح نعمان أسئلة قلقة أكثر من تقديمه لأجوبة جاهزة، محذرًا من غموض استراتيجية الحملة الجوية ضد الحوثيين، ومن احتمال أن تترك واشنطن الساحة فجأة بعد إعلان “نصرٍ غير مكتمل”، ما قد يعيد البلاد إلى نقطة الصفر.
وفي مداخلة حملت طابع المكاشفة، أشار إلى أن ما تحقق عسكريًا لا يُترجم تلقائيًا إلى نصر سياسي أو ميداني، مؤكدًا أن اليمنيين بحاجة إلى شراكة حقيقية لا تتوقف عند الضربات الجوية، بل تمتد إلى دعم مؤسسات الدولة وبناء الثقة.
-------
طاب مساء جمهورنا هنا في واشنطن، وصباح الخير، ويوم سعيد، ومساء الخير لكل من يتابعنا عبر الإنترنت.
يسعدنا أن نرحب بكم في معهد الشرق الأوسط. أنا كين بولاك، نائب رئيس المعهد للشؤون السياسية، ويسعدنا للغاية استضافة سعادة السيد مصطفى نعمان، نائب وزير الخارجية في الحكومة الشرعية اليمنية.
سعادة مصطفى نعمان، شكرًا جزيلًا لانضمامك إلينا هنا. أنت تأتي في وقت بالغ الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة، ولليمن، وربما أيضًا للشراكة المحتملة التي قد تتشكل بيننا. نرحب بك في معهد الشرق الأوسط، ونرحب بك في واشنطن، ونشكرك على وجودك معنا.
مصطفى نعمان: شكرًا لك كين، وشكرًا للمعهد على استضافة هذا الحدث. من المثير للاهتمام جدًا بالنسبة لي أن أكون هنا مع مجموعة من المهتمين بما يحدث في اليمن.
ولأكون صريحًا، أنا لم آتِ إلى المعهد فقط، بل أتيت إلى واشنطن وفي ذهني العديد من الأسئلة، ويبدو أنني سأغادر ومعي أسئلة أكثر من التي أتيت بها.
الجميع يبحث عن إجابات، لكن لا أحد يعطي الإجابة التي كنا نأمل أن نعرفها — لا أن نسمعها فقط، بل أن نعرفها فعليًا.
للأسف، على الرغم من أن الحملة الجوية تحقق بعض الأهداف، وتُضعف الحوثيين بلا شك، إلا أن ذلك وحده يثير السؤال: ثم ماذا بعد؟ هذا هو السؤال الأول، وماذا لو أعلنت الولايات المتحدة النصر وقررت أنها ربحت الحرب، وتركت الساحة مفتوحة لأحداث مستقبلية غير متوقعة؟
هذا تمامًا ما حدث في 26 مارس 2015، عندما بدأت السعودية الحرب كحملة جوية مكثفة، وفي أواخر أبريل أعلنت أنها حققت 95% من أهداف "عاصفة الحزم"، ومنذ 2015 حتى اليوم، ما زلنا نعمل على 5% المتبقية، وهذه نسبة تُثير القلق — إنها 5% أكبر بكثير مما كان يتوقعه أي أحد.
لهذا السبب أتيت إلى هنا، إلى واشنطن، وإلى معهد الشرق الأوسط، لأتحدث مع من يهتمون بالشأن اليمني، والذين يملكون خبرة واهتمام حقيقيين، ولتبادل وجهات النظر.
كما قلت، ربما نحصل على بعض الأجوبة ممن يوجهون لنا الأسئلة.
أنا جاهز الآن للإجابة عن أسئلتكم.
سؤال: لا أعلم إن كان لدي إجابات محددة لك، لكن لدي بعض الأسئلة التي قد تساعد جمهورنا في فهم الوضع الحالي. كما يعلم الجميع، اتفقنا أنا ومصطفى نعمان أن أطرح بعض الأسئلة الكبرى، ثم نفتح المجال للجمهور. لنبدأ من النقطة التي ذكرتها أولًا: أن الحملة الجوية تؤثر على الحوثيين.. هل يمكن أن توضح لنا أكثر؟ لأننا هنا في واشنطن لا نرى إلا لمحات متناثرة من الإعلام أو من اتصالاتنا، ومن الصعب أن نفهم التأثير الحقيقي على الأرض.
مصطفى نعمان: أول تأثير هو أن الحملة الجوية تبقي قوات الحوثي مشغولة وتمنعهم من شن هجمات داخل اليمن.
هم الآن مشغولون بحماية مواقعهم وإخفاء أسلحتهم.. طبعًا، من الصعب الآن معرفة التأثير الحقيقي والخسائر الفعلية التي تكبدها الحوثيون.
كنا نحصل على تقارير يومية أو أسبوعية عن النتائج في الحروب السابقة، لكن الآن لا نعرف حقًا ماذا يحدث على الأرض، وما نراه ونسمعه هو استمرار الحملة الجوية، والانفجارات، والقصف، لكن لا أحد يعلم التأثير الحقيقي، وهذه واحدة من نقاط الغموض التي تُقلق الحكومة اليمنية، وحتى المواطنين.
لا يمكنني القول إن كل اليمنيين ضد الحوثيين، لكن الأغلبية، ربما أكثر من 90%، يشعرون بعدم اليقين حيال نهاية هذه العملية، وحيال الأهداف الحقيقية من الحملة.
رغم إعلان أن الهدف هو منع الحوثيين من تهديد الملاحة في البحر الأحمر، إلا أن ذلك يتم دون مشاركة الحكومة اليمنية، ونحن نعلم جميعًا أن الحملات الجوية وحدها لا تحقق النصر، ولهذا نشعر بالقلق.
هناك أيضًا مخاوف من أن تقرر واشنطن فجأة أنها أنجزت مهمتها، دون أن يتم التأكد من أن الحوثيين قد أُضعفوا بما يكفي لكيلا يعودوا يشكلون تهديدًا.
بالنسبة لي، بصفتي يمنيًا، الأولوية هي وقف تهديد الحوثيين داخل اليمن أولًا.. نعم، التهديدات في البحر الأحمر تهمنا أيضًا، لأنها تضر بالاقتصاد، لكن أولوية المواطن اليمني هي الأمن الداخلي، وأن يشعر بالأمان ويبدأ التفكير في المستقبل، ولهذا فالحملة الجوية تفتقر للوضوح، وتثير القلق، والخوف من أن الولايات المتحدة قد لا تُكمل ما بدأت به.
سؤال: وهذا يقودنا إلى السؤال التالي المنطقي.. ما طبيعة الاتصالات التي كانت لديكم مع الإدارة الأمريكية؟ هل أخبروكم أنهم سيبدأون هذه الحملة؟ هل عقدتم اجتماعات معهم حول الأهداف النهائية؟
مصطفى نعمان: حتى الآن، عقدت اجتماعات مع وزارة الخزانة، وطبعًا الخزانة لا تعلم بما يجري على الصعيد العسكري، وعقدت أيضًا اجتماعات في مجلس الشيوخ والنواب، وهناك تفهم لضرورة تطبيق تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، لكن هناك فجوات في هذا التصنيف. على سبيل المثال — وهو ما أشار إليه أحد كبار الاقتصاديين اليمنيين — الآن يُمنع وصول الوقود إلى الحوثيين، وهو مصدر دخلهم الأساسي، لكن الوقود يُنقل إلى عدن، ثم يُفرض عليه ضرائب هناك، ثم ينتقل إلى مناطق الحوثيين ويُفرض عليه ضرائب مجددًا، وقد يُطلب من الشركات الدفع بالريال السعودي أو الدولار — ما يعني أن الحوثيين ما زالوا يحصلون على الأموال، وهذا يعقّد الأمور، ويحتاج إلى حلول مبتكرة لتجفيف مصادر تمويل الحوثيين، لأن تصنيف الارهاب لا يكفي وحده.
ثانيًا، داخل الحكومة اليمنية هناك تباين في الأولويات بين المكونات المختلفة، فبعضهم لا يرى في الحوثيين تهديدًا فوريًا، وهذا يمنع وضع خطة موحدة. السعوديون يحاولون معالجة هذا الوضع، والسفارة الأمريكية في الرياض كذلك، لكن غياب التنسيق السياسي على الأرض يُضعف أهداف الحملة، ولا يمكنك إضعاف الحوثيين من الجو فقط، بل يجب أن يكون هناك عمل ميداني وتعاون من المكونات السياسية.
سؤال: إذن، سعادة نائب الوزير، ماذا تودون أن تقوم به الولايات المتحدة؟ لنفترض أن هناك شراكة حقيقية بين واشنطن والحكومة اليمنية ودول أخرى حليفة، مثل السعودية، الإمارات، وربما بعض الدول الأوروبية، ما الذي ترغبون برؤيته عسكريًا وسياسيًا؟
مصطفى نعمان: سيكون من غير الدقيق القول إن هناك شراكة حاليًا. نحن نعرف عن بعض الأنشطة، لكننا لا نشارك في التخطيط أو التنفيذ. الحكومة ترغب في أن تبدأ الولايات المتحدة التفكير في الحرب كعملية لا يمكن كسبها فقط من الجو، بل يجب دعم الحكومة لبسط سلطتها على المناطق المحررة.
لكن للأسف، الإدارة الأمريكية أوقفت المساعدات الإنسانية في تلك المناطق. الحكومة مسؤولة عن الشعب في كل أنحاء اليمن، وليس عن الحوثيين فقط. لدينا عجز مالي كبير، على سبيل المثال هناك عجز بسبعين مليون دولار في قطاع الصحة فقط.
في مؤتمر باريس الأخير، قال الأوروبيون بوضوح إن ميزانياتهم موجهة الآن نحو الدفاع أو الحرب في أوكرانيا، مما جعل اليمن في هامش الاهتمام العالمي.
الولايات المتحدة تريد إضعاف الحوثيين، لكنها في الوقت نفسه تضعف الحكومة، وإذا كنتُ كمواطن يمني، سأتساءل: ما هي النهاية التي تسعى إليها واشنطن؟ إذا أردت إضعاف الحوثيين، فلا يمكن أن تترك الحكومة أضعف منهم.
أما بالنسبة لتسليح الجيش الوطني، فالوضع الحالي لا يشجع الإدارة الأمريكية على ذلك، بسبب قوانين الأمم المتحدة التي تمنع دعم أي طرف، رغم أن إيران كانت تسلّح الحوثيين علنًا، فيما لم يحصل الجيش اليمني على شيء، وها نحن اليوم عاجزون حتى عن تصدير النفط بعد أن هاجم الحوثيون الميناء الوحيد الذي كنا نستخدمه، واشترطوا نسبة من العائدات مقابل السماح بالتصدير.
الحكومة الشرعية لا تمتلك حرية التحرك بسبب كثرة القيود، في حين أن الجماعات غير الحكومية يمكنها أن تفعل ما تشاء، بينما الحكومة دائمًا مقيّدة بالقيود وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهي أمور لا يهتم بها الحوثيون، وهنا يأتي دور الإيرانيين، فقد استمروا في التمويل والتسليح والتدريب إلى أن وصل الأمر إلى أن الحوثيين بدأوا بتصنيع طائرات مسيّرة خاصة بهم داخل اليمن، وليس هذا فحسب، بل إنهم الآن يصدرون الطائرات المسيّرة إلى الصومال.. لدينا الآن، في اليمن، صناعات تسليحية يمكن تصديرها إلى الخارج، وهو أمر لم يكن موجودًا قبل عام 2015، فقبل عام 2015، كانت الأسلحة في الغالب – وليس كلها – تحت سلطة الجيش الوطني، وهي سلطة لم تعد موجودة الآن.
سؤال: شكرًا لك على توضيح الصورة على المستويين المحلي والإقليمي.. إذا سمحت لي، أود سؤالك عن المستوى العالمي، وإذا كان بإمكانك التحدث عن دور الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي.. ما هو الدور الذي تراهم يلعبونه الآن، أو ما هو الدور الذي تتمنى أن يلعبوه ولم يقوموا به حتى الآن؟
مصطفى نعمان: أولًا، بالنسبة للصين، تحدثنا رسميًا مع الصينيين بشأن المعلومات التي كانت لدى الحكومة والتي تفيد بأنهم يرسلون أسلحة إلى الحوثيين، وقد نفى الجانب الصيني ذلك.
لم نتمكن من ضبط أي شحنة متجهة إلى الحوثيين، ولم تظهر أي من السفن الأمريكية التي تجوب المنطقة أي دليل على ذلك.. لقد سمعنا فقط عن أسلحة تأتي من الصين أو روسيا إلى الحوثيين، لكننا لا نملك دليلًا قاطعًا، ومع ذلك، تحدثنا مع الحكومتين، وكلتاهما نفتا ذلك، ورئيسنا سيزور موسكو خلال الشهرين المقبلين، مما يُظهر أن الروس ليسوا في وارد تسليح الحوثيين أو إرسال دعم لهم.
أعلم أنه قد يبدو أن الصينيين أو الروس يريدون دعم مجموعة مناهضة للولايات المتحدة كالحوثيين، لكن كلا الطرفين نفى ذلك.
سؤال: لقد ذكرت السعودية، أخبرنا أكثر قليلاً عنها. ما هو الدور الذي تلعبه؟ من الواضح، كما أشرت، أن لديها تجربة حديثة في اليمن وقد خرجت منها وهي متضررة منها، والولايات المتحدة لم تساعدها فعليًا، بل على العكس، سحبنا دعمنا مما أدى إلى نتائج غير جيدة لها من عدة نواحٍ، ومع ذلك، يبدو أن هناك على الأقل استعدادًا حذرًا من جانبهم لإعادة الانخراط. هل كانوا مفيدين؟ وبأي طرق؟
مصطفى نعمان: السعوديون حاولوا مرارًا وتكرارًا، وفي مرحلة ما، نُسب لهم الفضل من قبل النخبة السياسية لأنهم قرروا ترك القرار لليمنيين ليحددوا شكل مستقبلهم، ومصير بلادهم.
لقد دفعت السعودية بما يُعرف بـ “خريطة الطريق"، وكانت في البداية خطة سعودية ثم تطورت لتصبح خريطة طريق تبناها المبعوث الأممي.
المثير للدهشة أن الحوثيين رفضوها، رغم أنها كانت تصب في مصلحتهم في ذلك الوقت.
لقد كانت السعودية مستعدة لدفع رواتب الموظفين لمدة عامين، رغم اعتراض الحكومة اليمنية، لكن الحوثيين أصروا على إنهاء الحرب والدخول في مفاوضات، وأعلنوا استعدادهم لدفع الرواتب.. الآن، الحوثيون هم من يتحدثون عن العودة إلى خريطة الطريق، كما ظهر في اجتماعهم الأخير في موسكو مع المبعوث الأممي.
نتحدث الآن عن أربع سنوات ضائعة، وآلاف الأرواح اليمنية التي فقدت، ولا أعرف إن كان أحد لا يزال مهتمًا بتنفيذ هذه الخطة.
سؤال من الجمهور: مصر، كما يعلم الجميع، هي من أكثر الدول تضررًا لأن الناس لم يعودوا يستخدمون قناة السويس.. لماذا لا تفعل مصر المزيد لمحاربة الحوثيين؟
مصطفة نعمان: شعوري هو، رغم أنني لا أملك معلومات مؤكدة، أن الجيش المصري لا يتدخل خارج حدوده، وهذه قاعدة ثابتة.
نعم، لقد تدخلوا في اليمن بين عامي 1962 و1968، لكن ذلك كان آخر مرة، ومنذ ذلك الحين، لم تتكرر هذه الحالة.
إذا تذكرنا، فقد أدلى رئيس الوزراء المصري بتصريح منذ أيام قال فيه إن البحر الأحمر آمن، والرسالة من ذلك التصريح هي: نحن لن نتدخل.
الجيش المصري لا يملك عقيدة التدخل خارج الحدود، ولا يريد، وخصوصًا في اليمن، حيث يحملون ذكريات سيئة وخسائر كبيرة، بعد ان فقدوا آلاف الجنود والضباط هناك.. هذا محفور في نفسية المؤسسة العسكرية.
منذ البداية، قالوا إن الهجمات في البحر الأحمر مرتبطة بما يجري في غزة، وهذه كانت سياستهم، لذلك، لا أعتقد، ولا أشعر، أنهم سيتجاوزون حدودهم. هذه عقيدة راسخة في الجيش، وأيضًا الأمر مكلف.
سؤال آخر من الحضور: سمعنا أن إدارة ترامب كانت لديها توقعات من مصر فيما يتعلق بالهجمات ضد الحوثيين، خصوصًا بسبب الوضع الاقتصادي لقناة السويس.. هل كانت هناك توقعات مماثلة من الحكومة اليمنية، كأن يُطلب منها دفع تعويضات أو شيء من هذا القبيل، مقابل قيامها بالحملة العسكرية؟
مصطفى نعمان: هل تقصد أن الحكومة اليمنية ستكون معنية بتعويضات لأنها تحارب نيابة عن الآخرين؟ دائمًا ما يكون هناك شكوك كثيرة بشأن ما سيحدث بعد ذلك، أو إذا قمنا بشيء، هل سيتم تعويضنا أم لا؟ لا يوجد منطق واضح أو فاعل في هذا السياق.
الأمور لا تسير على هذا النحو.. ربما تحدث تعويضات، لكن لا أعتقد أنها ستكون سياسة معتمدة من لا الحكومة اليمنية ولا المصرية ولا حتى من إدارة ترامب، التي كانت ترسل رسائل متضاربة ولم نكن نعرف أيها نصدق.. هذا جزء من حالة عدم اليقين التي تسيطر على الوضع بأكمله.
سؤال من الحضور: شكرًا لمداخلتكم.. اسمي ليا بيترسون، طالبة اقتصاد في جامعة هوارد، وأحمل لقب ملكة جمال حي الدبلوماسيين في واشنطن.. سؤالي يتعلق بالضربات الجوية في اليمن. أعلم أنه في 28 أبريل، وقعت غارة جوية أمريكية أصابت مركز احتجاز للمهاجرين، مما أدى إلى مقتل أكثر من 68 شخصًا، وسؤالي: كيف تعمل الحكومة اليمنية مع الأطراف الأخرى لضمان حماية المدنيين وعدم زعزعة استقرار المجتمعات أثناء مواجهة الحوثيين؟
مصطفى نعمان: الغارة الجوية التي سمعنا عنها والتي أصابت مخيم اللاجئين لم تكن ضمن سيطرة الحكومة الشرعية، لذلك لا نملك أرقامًا أو حقائق دقيقة وموثوقة عما حدث بالفعل هناك.
بحسب المعلومات التي جمعتها الحكومة.. نعم، كان هناك لاجئون.. وكان هناك أيضًا أسرى يمنيون قُتلوا في ذلك المخيم، ومع ذلك، لسنا في موقع يمكننا من تحديد عدد الضحايا بدقة.
الحادث مؤلم بلا شك، ولا يمكن تبريره أو تقبّله، ولكن، نظرًا لأن المنطقة كانت خارج سيطرة الحكومة، فإن من الصعب جدًا التحقق حتى من قبل الأمم المتحدة، التي أرسلت موظفيها من مكتب الشؤون الإنسانية على الأرض.
كل ما صدر عنهم أن هناك عددًا كبيرًا من الضحايا، لكن المخيم لم يكن يتبع للأمم المتحدة، ولا توجد لديهم أرقام دقيقة عن عدد القتلى.
سؤال اخر من الحضور: غالبًا ما يُطرح هذا السؤال في واشنطن: لماذا يجب أن نهتم باليمن؟ لماذا يعتبر اليمن مهمًا؟
مصطفى نعمان: نحن لم نطلب أن يكون اليمن مهمًا هنا.. الأمم المتحدة هي من قررت أن اليمن يمثل منطقة خطرة يجب السيطرة عليها.. الأمر كله يتعلق بالبحر الأحمر. كان هذا واضحًا منذ البداية، التصريحات الأمريكية لم تكن لأهداف تتعلق باليمن، بل كانت تتعلق بحركة المرور في البحر الأحمر.
إذن، لماذا قررت الولايات المتحدة فجأة أن تجعل من اليمن هدفًا مهمًا؟ السبب هو البحر الأحمر، وليس السياسة الداخلية اليمنية.
لقد قالوا ذلك بوضوح: إنهم ليسوا في مهمة لتغيير النظام، ولا يدعون إلى القضاء على الحوثيين، وهذا ما قيل حرفيًا.
ومؤخرًا، بدأوا يتحدثون عن عملية سلام يريدون أن يشارك فيها الجميع، لذا، لم يكن هدفهم الأساسي هو اليمن، هذا ما أعتقده.
سؤال من الحضور: مرحبًا، شكرًا لك، وشكرًا لسعادتك على هذه المحادثة.. سؤالي يتعلق بمسألة ممارسة الضغط على "أنصار الله" على الأرض، لأنك ذكرت أن الحكومة الأمريكية ليست شريكًا حاليًا، وأن هناك حدودًا، وأنه لا توجد رغبة، على سبيل المثال، في تقديم دعم عسكري مباشر للحكومة اليمنية. ما هو الحد الأدنى الذي تحتاجونه من الجانب اليمني لكي تتمكن الحكومة الأمريكية من ممارسة ضغط على أنصار الله على الأرض؟
مصطفى نعمان: كما قلت سابقًا، بسبب تركيبة الحكومة الشرعية، هناك عدد كبير من الكيانات، ولكل كيان مجموعاته المسلحة الخاصة. أولًا، يجب توحيد هذه الكيانات، أو على الأقل إنشاء غرفة عمليات تنسق فيما بينها.
ثانيًا، منذ عام 2015، لم يتسلح الجيش اليمني الوطني بأكثر من بنادق الكلاشنيكوف وذخائر بسيطة؛ لا طائرات، ولا مروحيات، ولا أسلحة ثقيلة. لذا، لا يملكون من السلاح ما يمكنهم من مواجهة ترسانة الحوثيين.
ونحن نعلم أن الحوثيين قد طوروا مهاراتهم في تصنيع الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما لا تملكه الحكومة الشرعية بسبب القيود العديدة المفروضة عليها. الجماعات غير الحكومية يمكنها أن تفعل ما تشاء، لكن الحكومة دائمًا مقيدة بالقيود وقرارات مجلس الأمن الدولي، وهي أمور لا يأبه لها الحوثيون.
أما الإيرانيون، فقد واصلوا التمويل والتسليح والتدريب حتى وصل الحوثيون إلى مرحلة تصنيع الطائرات المسيّرة داخل اليمن، بل وحتى تصديرها الآن إلى الصومال.
إذن، أصبح في اليمن الآن نوع من "الصناعات الحربية" يتم تصديرها للخارج، وهو أمر لم يكن موجودًا قبل عام 2015. فالجيش قبل 2015، ومعظم السلاح — إن لم يكن كله — كان تحت سلطة الجيش الوطني، الذي لم يعد موجودًا اليوم.
سؤال: معالي الوزير، ماذا عن إيران؟ لقد ذكرتها سابقًا، وهي بالطبع مصدر قلق كبير للولايات المتحدة وحلفائها.. ما هي حالة العلاقة الآن بين إيران والحوثيين؟ هل لا يزال الإيرانيون يدعمونهم؟ هل انسحبوا؟ أعطنا لمحة عن تلك العلاقة.
مصطفى نعمان: بالتأكيد، العلاقة بين الحوثيين والإيرانيين لم تبدأ في عام 2014، بل بدأت قبل ذلك بكثير. أعتقد أنها بدأت في أواخر الثمانينات أو أوائل التسعينات، حيث كانت هناك مجموعات من الحوثيين تسافر إلى لبنان أو سوريا أو إيران من أجل التعليم الأيديولوجي أو الإعلامي أو العسكري، وبدأوا بتأسيس بنية جماعة أنصار الله على غرار حزب الله في لبنان، مع اختلاف كبير في الأعداد وبنية الدولة.
الإيرانيون نظروا إلى الحوثيين باعتبارهم شوكة في خاصرة السعوديين، وكانوا يرغبون في وجود جماعة على حدود السعودية توفر لهم ورقة ضغط، وهذا هو ما أدى إلى اندلاع الحروب منذ عام 2004.
السعوديون تمكنوا، عبر الوساطة الصينية، من التوصل إلى تفاهم مع الإيرانيين، ومنذ ذلك الحين لم نشهد هجمات بين الجانبين – الحوثيين أو القوات السعودية. قد تحدث بعض المناوشات على الحدود لكنها ترتبط عادة بالمهربين.
الحرب بين الحوثيين والسعودية توقفت منذ عام 2019 أو 2020. لكن الإيرانيين سيظلون يرون في الحوثيين أصلًا استراتيجيًا.
إذا أوقفت التمويل القادم من إيران إلى الحوثيين – وهو ليس كبيرًا بالمناسبة – فسيؤثر ذلك عليهم.
علينا أن نكون واقعيين، فالتمويل الذي كان يصل إلى الحوثيين لم يكن بمستوى ما يُرسل إلى حزب الله أو سوريا أو الحشد الشعبي في العراق، ففي اليمن، كان الأمر أقل تكلفة، أولًا بسبب عدد المنتمين النشطين إلى جماعة الحوثي، وثانيًا لأن استخدام القبائل اليمنية أقل تكلفة من استخدام المليشيات اللبنانية.
تمويل إيران للحوثيين يعد استثمارًا صغيرًا لكنه أثبت فعاليته وأثار قلقًا كبيرًا لدى السعودية.. فقد تمكنت جماعة صغيرة من السيطرة على حوالي 40٪ من الأرض و60٪ من السكان، لذلك، كان الثمن الذي دفعه الإيرانيون قليلًا، لكنه أعطاهم نفوذًا كبيرًا على السعودية.
سؤال: معالي نائب الوزير، ذكرت أن الشراكة مع الولايات المتحدة غير موجودة حاليًا.. لنفترض أن الولايات المتحدة قررت اليوم دعم الحكومة اليمنية، هل لدى الحكومة القدرة التقنية للاستفادة من هذا الدعم؟
مصطفى نعمان: لهذا نحتاج إلى الشراكة، من أجل الحصول على التكنولوجيا والتدريب... سيستغرق الأمر وقتًا، لن يحدث بين ليلة وضحاها، لكنه بداية. يجب أن نبدأ من مكان ما.
سؤال: اسمي ستيفان مانا من مركز واشنطن لحقوق الإنسان. ذكرت أن موقف واشنطن متراخٍ. ما هو الحل الحكومي في ظل ما يحدث؟
مصطفى نعمان: أتمنى لو أن لديّ إجابة.. قلت إنني سأعود بمزيد من الأسئلة.
أول خطوة يجب أن تقوم بها الحكومة – وهي تحاول فعل ذلك – لكنها صعبة جدًا، لكنها ضرورية، هي أن تكون موحدة، أن تكون كيانًا واحدًا، بخطة واحدة وهدف واحد.. هذا هو الأساس، إنه من أساسيات السياسة، وأساس الدولة، وهذا غير حاصل الآن.
الوضع صعب جدًا بسبب الانقسامات التي تعمقت في المجتمع اليمني منذ حرب 1994 بين الشمال والجنوب، وتبعاتها المستمرة، وأيضًا منذ 2015 عندما دخل الحوثيون الأراضي الجنوبية، كل ذلك خلق حالة من الكراهية في بعض الأحيان بين الشمال والجنوب، وهذه من أصعب التحديات التي يجب أن تعمل الحكومة على معالجتها، وهذا ليس من مسؤولية الولايات المتحدة، بل مسؤوليتنا نحن، وسيتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، وهذا ما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة أن تعرف من يجب أن تدعمه أو تدربه، فهناك الكثير من التعقيدات التي تقع على عاتق الحكومة نفسها ويجب أن تُعالج من الداخل.